بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 سبتمبر 2010

جمل العصارة

جمل بيعصر وجمل بيكل العصارة:

حرف الباء (المكسورة ) في لفظة (بيعصر) عادة ما يدخل على الفعل المضارع، في لهجة بني قومي ، فهم يقولون بيكل،( بكسر الباء وضم الكاف) بمعني انه الآن يأكل ، وكذلك ، بيشرب ، وبيمشي ، وتدل على أن الفعل قيد التنفيذ.

معنى المثل :

كانت الجمال تستخدم لعصر زيت السمسم (الجلجل) فكان الزيت الصافي يخرج وتبقى في قاع المعصرة ما يسمى بالعصارة (بضم العين وتشديد الصاد مع فتحها ) وهي بقايا السمسم المعصور، وهذه لها فوائد جمة ، منها إنها تعطى للمواشي، حتى أن الجمل الذي يعصر كان يعطى جزء منها، لأنها مغذية جدا، ومفيدة للحيوانات جدا .

الفائدة الإدارية :

في بعض الأنظمة الإدارية الفاسدة ، يحرم من الحقوق الموظف الكفء المتفاني الذي يبذل المجهود الكبير بتفاني وإخلاص لانجاز أعماله، بينما يستحوذ من لم يبذل أي مجهود بأكثر الموارد والامتيازات.

وربما حرم الكادر المؤهل ما يستحقه من امتيازات وحقوق ، وتسلق على حقه من لا يستحقه.

وهذه للأسف ظاهرة منتشرة في اغلب مؤسساتنا ، حينما لا تصرف الحقوق ولا تمنح الوظائف والترقيات والتعيينات ، على أساس معيار الإنتاج والكفاءة والأهلية، وإنما استبدلت بمعايير فاسدة من المجاملة والمحسوبية وربما الولاء الحزبي الضيق، وكل ذلك على حساب العمل.

وهذا شر مستطير ونذير مخيف على تدهور العطاء والإنتاج، حيث انه انتهاك وتعطيل للمبدأ الإداري المعروف: (وضع الرجل المناسب في المكان المناسب )، وحينها سيتولى الأمر من ليس أهل له.

وهذا يعد من ضياع الأمانة التي اخبر بها النبي (صلى الله عليه وسلم ) انه من أمارات الساعة ، حيث قال فيما رواه البخاري من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه ) : (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ) ، بمعنى: إذا أسندت الأمور المتعلقة بأمور الدين والدنيا ومصالح الناس إلى غير الأكفاء، فان ذلك من علامات الساعة (الصغرى ).

وأي أمانة ضائعة اكبر من ضياع مقدرات الأمة، من خلال تولي غير الأكفاء على مصالح الناس، وإقصاء المؤهلين عن موقع القرار وإدارة شئونها.

لعلكم توافقوني أن الأمر أصبح ظاهرة منتشرة في مجتمعاتنا العربية مع كل أسف ، بينما نلاحظ أن هذه الظاهرة لا توجد في المجتمعات الغربية، بسبب أن معيار الكفاءة عندهم هو الأصل والمقدم ، وأن النظام ساري على الجميع .

وسبحان الله ما أحوج المسلمين إلى هذه المسلمات البديهيات وهم من علمها للبشرية بما علمهم دينهم ونبيهم ، ثم خلفت خلوف ضيعوا هذه الأمانة، وأسندوها إلى غير أهلها ، فقام بها الكفار واستفادوا منها، وأصبحوا يعيرونا بديننا، ولسان حالهم يقول انتم على الإسلام وهذا حالكم ، ونحن على غير الإسلام وهذا حالنا فأي الفريقين على الحق، نحن أم انتم.

هذه الشبهة مع الأسف انطلت على كثير من أبناء المسلمين، ممن لا يعرفون حقيقة دينهم ، فأصبحوا ينعقون بهذه الدعوى التي ينادي به الغرب الكافر.

وعند التمحيص والتأمل تجد أن سوء استخدام الدين، وضياع الأمانة وإهمال تعاليم الشريعة وأوامر الرسول الخاتم (عليه الصلاة والسلام ) ، وإسناد الأمر إلى غير أهله، أوصل الأمة إلى ما وصلت إليه.

ونسأل الله السلامة من القادم المجهول،

فتأملوا في حكمة المثل اليافعي: (جمل بيعصر وجمل بيكل العصارة)

ودمتم سالمين ///

ليست هناك تعليقات: